حنان بنت حجي الحجي
عندما صنف الغزالي- رحمه الله- كتابه: (شفاء الغليل في بيان الشبه والمخيل ومسالك التعليل)، اشترط على قارئه عدداً من الشروط، ومن أهم تلك الشروط: أن ينفك (عن داعية العناد، وضرواة الاعتياد، وحلاوة المألوف من الاعتقاد)، وهذه الجملة الغزالية البديعة ينبغي أن يُعدّى اشتراطها للتعاطي مع أية رأيٍ أو قولٍ جديدٍ، فلا يرفض القول مكابرة أو معاندة، فالحقيقة فوق كل أحد، ومهما بلغت عداوة الخصم إلا أنه يجب أن تحترم أدلته الموافقة للصواب، وأن تبرز وتقبل لذاتها، ولا يشغب عليها بمعارضات غير علمية، أو شخصية، وأن يتجنب الباحث اللجاج والخصومة، ففرق بين الثبات على القول واللجاج فيه، وقد أشار إلى ذلك ابن حزم- رحمه الله- حيث قال: (الثبات الذي هو صحة العقد والثبات الذي هو اللجاج مشتبهان اشتباهاً لا يفرق بينهما إلا عارف بكيفية الأخلاق، والفرق بينهما أن اللجاج هو ما كان على الباطل أو ما فعله الفاعل نصراً لما نشب فيه وقد لاح له فساده، أو لم يلح له صوابه ولا فساده، وهذا مذموم، وضده الإنصاف، وأما الثبات الذي هو صحة العقد فإنما يكون على الحق أو على ما اعتقده المرء حقاً ما لم يلح له باطله، وهذا محمود وضده الاضطراب)، ومن الأمور التي نبه الغزالي إلى ضرورة اجتنابها: ضراوة الاعتياد، وذلك أن المألوف له ضراوة وسطوة، لا يستطيع الانفكاك عنهما البليد القانع بالمألوف، وكم من قول صحيح لم يعب عليه إلا مخالفته للسائد والمعتاد، وهذا منهج جاهلي ذمه القرآن: (إنا وجدنا آباءنا على أمة)، وكثيرٌ من الآراء الفقهية التي ربما كانت أسعدَ بالحق والدليل تمت مواجهتها بالرفض والممانعة بسبب مخالفتها لفتوى سابقة سائدة، مع أن الحق بخلافها، والأمر الثالث الذي نبه أبو حامد على وجوب الانفكاك عنه: حلاوة المألوف من الاعتقاد، فالأمر الذي ينعقد إيمان المرء عليه يكون له حلاوةٌ يصعب عليه أن يفارقها إلى مرارة البحث والتقصي عن صحة ذلك المعتقد من فساده؛ لذلك فإن كثيراً من الناس ليس لديه الاستعداد لتغيير قناعاته، أو حتى لاختبار صدقها! بل يكتفي بالتقليد والمحاكاة، ويرفض أي جديد، مع أنه ربما قد عقد على اعتقاد باطلٍ، فهذه الأمور الثلاثة جديرٌ بكل باحث وناظر أن يتحاشاها، وأن يتحرز منها؛ لئلا يقع في الغلط ومجانفة العدل في الحكم؛ إذ جميعها جالبٌ لذلك، يقول أبو حامدٍ: (فالضراوة بالعادة مخيلة البلادة، والشغف بالعناد مجلبة الفساد، والجمود على تقليد الاعتقاد مدفعة الرشاد).
عندما صنف الغزالي- رحمه الله- كتابه: (شفاء الغليل في بيان الشبه والمخيل ومسالك التعليل)، اشترط على قارئه عدداً من الشروط، ومن أهم تلك الشروط: أن ينفك (عن داعية العناد، وضرواة الاعتياد، وحلاوة المألوف من الاعتقاد)، وهذه الجملة الغزالية البديعة ينبغي أن يُعدّى اشتراطها للتعاطي مع أية رأيٍ أو قولٍ جديدٍ، فلا يرفض القول مكابرة أو معاندة، فالحقيقة فوق كل أحد، ومهما بلغت عداوة الخصم إلا أنه يجب أن تحترم أدلته الموافقة للصواب، وأن تبرز وتقبل لذاتها، ولا يشغب عليها بمعارضات غير علمية، أو شخصية، وأن يتجنب الباحث اللجاج والخصومة، ففرق بين الثبات على القول واللجاج فيه، وقد أشار إلى ذلك ابن حزم- رحمه الله- حيث قال: (الثبات الذي هو صحة العقد والثبات الذي هو اللجاج مشتبهان اشتباهاً لا يفرق بينهما إلا عارف بكيفية الأخلاق، والفرق بينهما أن اللجاج هو ما كان على الباطل أو ما فعله الفاعل نصراً لما نشب فيه وقد لاح له فساده، أو لم يلح له صوابه ولا فساده، وهذا مذموم، وضده الإنصاف، وأما الثبات الذي هو صحة العقد فإنما يكون على الحق أو على ما اعتقده المرء حقاً ما لم يلح له باطله، وهذا محمود وضده الاضطراب)، ومن الأمور التي نبه الغزالي إلى ضرورة اجتنابها: ضراوة الاعتياد، وذلك أن المألوف له ضراوة وسطوة، لا يستطيع الانفكاك عنهما البليد القانع بالمألوف، وكم من قول صحيح لم يعب عليه إلا مخالفته للسائد والمعتاد، وهذا منهج جاهلي ذمه القرآن: (إنا وجدنا آباءنا على أمة)، وكثيرٌ من الآراء الفقهية التي ربما كانت أسعدَ بالحق والدليل تمت مواجهتها بالرفض والممانعة بسبب مخالفتها لفتوى سابقة سائدة، مع أن الحق بخلافها، والأمر الثالث الذي نبه أبو حامد على وجوب الانفكاك عنه: حلاوة المألوف من الاعتقاد، فالأمر الذي ينعقد إيمان المرء عليه يكون له حلاوةٌ يصعب عليه أن يفارقها إلى مرارة البحث والتقصي عن صحة ذلك المعتقد من فساده؛ لذلك فإن كثيراً من الناس ليس لديه الاستعداد لتغيير قناعاته، أو حتى لاختبار صدقها! بل يكتفي بالتقليد والمحاكاة، ويرفض أي جديد، مع أنه ربما قد عقد على اعتقاد باطلٍ، فهذه الأمور الثلاثة جديرٌ بكل باحث وناظر أن يتحاشاها، وأن يتحرز منها؛ لئلا يقع في الغلط ومجانفة العدل في الحكم؛ إذ جميعها جالبٌ لذلك، يقول أبو حامدٍ: (فالضراوة بالعادة مخيلة البلادة، والشغف بالعناد مجلبة الفساد، والجمود على تقليد الاعتقاد مدفعة الرشاد).
السبت مارس 19, 2016 12:41 pm من طرف المدير العام
» صراع! صراع صراع
السبت مارس 19, 2016 12:41 pm من طرف المدير العام
» أَنْقِذُوا (العَرَبِيّ)!
السبت مارس 19, 2016 12:39 pm من طرف المدير العام
» تسهيل النجاة
السبت مارس 19, 2016 12:39 pm من طرف المدير العام
» كيف نعيش الأزمة؟
السبت مارس 19, 2016 12:38 pm من طرف المدير العام
» جنايتتا على المؤسسات الخيريّة !
السبت مارس 19, 2016 12:36 pm من طرف المدير العام
» الاستغلاق المؤسسي..،!
السبت مارس 19, 2016 12:36 pm من طرف المدير العام
» داعية العناد وضراوة الاعتياد
السبت مارس 19, 2016 12:35 pm من طرف المدير العام
» الغلو يصنع القادة أم يصنع الطُغاة
السبت مارس 19, 2016 12:27 pm من طرف المدير العام